فصل: عزل أشرس.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.ولاية أسد القسري على خراسان.

ولما غزا خالد بن عبد الله خراسان استخلف عليها أخاه أسد بن عبد الله فقدم ومسلم بن سعيد بفرغانة فلما رجع وأتى النهى ليقطعه منعه الأشهب بن عبد الله التميمي وكان على السفن بآمد حتى عرفه أنه الأمير فأذن له ثم عبر أسد النهر ونزل بالمرج وعلى سمرقند هانئ بن هانئ فخرج بالناس وتلقى أسدا وأدخله سمرقند وبعث أسد إلى عبد الرحمن بن نعيم بالولاية على العسكر فقفل بالناس إلى سمرقند ثم عزل أسدا عنها وولى مكانه الحسن بن أبي العمرطة الكندي ثم قدم مسلم بن سعيد بن عبد الله بخراسان فكان يكرمه ومر بابن هبيرة وهو يروم الهرب وأسلم على يديه ثم غزا الغور وهي جبال هراة فوضع أهلها أثقالهم في الكهوف ولم يكن إليهم طريق فاتخذ التوابيت ووضع فيها الرجال ودلاها بالسلاسل فاستخرجوا ما قدروا عليه ثم قطع كماق النهر وجاءه خاقان ولم يكن بينهما قتال وقيل عاد مهزوما من الجسر ثم سار إلى عوبرين وقاتلها وأبلى نصر بن سيار ومسلم بن أحور وانهزم المشركون وحوى المسلمون عسكرهم بما فيه.

.ولاية أشرس على العراق.

كان أسد بن عبد الله في ولايته على خراسان يتعصب حتى أفسد الناس وضرب نصر بن سيار بالسياط وعبد الرحمن بن نعيم وسورة بن أبجر والبختري بن أبي درهم وعامر بن مالك الحماني وحلقهم وسيرهم إلى أخيه وكتب إليه أنهم أرادوا الوثوب بي فلامه خالد وعنفه وقال: هلا بعثت برؤوسهم؟ وخطب أسد يوما فلعن أهل خراسان فكتب هشام بن عبد الملك إلى خالد اعزل أخاك فعزله في رمضان سنة تسع وولى مكانه الحكم بن عوانة الكلبي فقعد عن الصائفة تلك السنة فاستعمل هشام على خراسان أشرس بن عبد الله السلمي وأمره أن يراجع خالدا فكان خيرا ففرح به أهل خراسان.

.عزل أشرس.

أرسل أشرس إلى سمرقند سنة عشر ومائة أبا الصيدا صالح بن ظريف مولى بني ضبة والربيع بن عمران التميمي إلى سمرقند وغيرها مما وراء النهر يدعوهم إلى الإسلام على أن توضع عنهم الجزية وعليها الحسن بن العمرطة الكندي على حربها وخراجها فدعاهم لذلك وأسلموا وكتب غورك إلى الأشرس أن الجراح قد انكسر فكتب أشرس إلى ابن العمرطة: بلغني أن أهل الصغد وأشباههم لم يسلموا رغبة وإنما أسلموا نفورا من الجزية فانظر من اختتن وأقام الفرائض وقرأ سورة من القرآن فارفع خراجه ثم عزل ابن العمرطة عن الخراج وولى عليها ابن هانئ ومنعهم أبو الصيدا أخذ الجزية ممن أسلم وكتب هانئ إلى أشرس بأنهم أسلموا وبنوا المساجد فكتب إليه وإلى العمال أن يعيدوا الجزية على من كانت عليه ولو أسلم فامتنعوا واعتزلوا في سبعة آلاف على فراسخ من سمرقند وخرج معهم أبو الصيدا وربيع بن عمران والهيثم الشيباني وأبو فاطمة الأزدي وعامر بن قشير وبشير الحجدري وبيان العنبري وإسمعيل بن عقبة لينصروهم وبلغ الخبر إلى أشرس فعزل ابن العمرطة عن الحرب وولى مكانه المجشر بن مزاحم السلمي وعميرة بن سعد الشيباني فكتب المجشر إلى أبي الصيدا يستقدمه هو وأصحابه فقدم ومعه ثابت قطنة فحبسهما وسيرهما إلى أشرس واجتماع الباقون وولوا عليهم أبا فاطمة ليقاتلوا هانئا فكتب أشرس ووضع عنهم الخراج فرجعوا وضعف أمرهم وتتبعوا فحبسوا كلهم وألح هانئ في الخراج واستخف بغعل العجم والدهاقين وأقيموا في العقوبات وحرقت ثيابهم وألقيت مناطقهم في أعناقهم وأخذت الجزية من أسلم فكفرت الصغد وبخارى واستجاشوا بالترك وخرج أشرس غازيا فنزل آمد وأقام أشهرا وقدم قطن بن قتيبة بن مسلم في عشرة آلاف فعبر النهر ولقي الترك وأهل الصغد وبخارى ومعهم خاقان فحصروا قطنا في خندقه وأغار الترك على سرح المسلمين وأطلق أشرس ثابت بن قطنة بكفالة عبد الله بن بسطام بن مسعود بن عمرو وبعث معه في خيل فاستقدمه من أيدي الترك ما أخذوه ثم عبر أشرس بالناس ولحق بقطن ولقيهم العدو فانهزموا أمامهم وسار أشرس بالناس حتى جاء بيكند فحاصرها المسلمون وقطع أهل البلد عنهم الماء وأصابهم العطش فرحلوا إلى المدينة واعترضهم دونها العدو فقاتلوهم قتالا شديدا وأبلى الحرث بن شريح وقطن بن قتيبة بلاء شديدا وأزالوا الترك عن الماء فقتل يومئذ ثابت قطنة وصخر بن مسلم بن النعمان العبدي وعبد الملك بن دثار الباهلي وغيرهم وحمل قطن بن قتيبة في جماعة تعاقدوا على الموت فانهزم العدو واتبعهم المسلمون يقتلونهم إلى الليل ثم رجع أشرس إلى بخارى وجهز عليها عسكرا يحاصرونهم وعليهم الحرث بن شريح الأزدي ثم حاصر خاقان مدينة كمرجة من خراسان وبها جمع من المسلمين وقطعوا القنطرة وأتاهم ابن جسر وابن يزدجرد وقال: إن خاقان جاء يرد علي منكبي وأنا آخذ لكم الأمان فشتموه وأتاهم يزغري في مائتين وكان داهية وكان خاقان لايخالفه فطل رجلا يكلمه فجاءه يزيد بن سعد الباهلي فرغبه بإضعاف العطاء والإحسان على النزول ويسيرون معهم فلاطفه ورجع إلى أصحابه وقال هؤلاء يدعونكم لقتال المسلمين فأبوا وأمر خاقان فألقى الحطب الرطب في الخندق ليقطعه وألقى المسلمون البهائم ليأكلوها ويحشوا جلودها ترابا ويملؤا بها الخندق وأرسل الله سبحانه سحابة فاحتمل السيل ما في الخندق إلى النهر الأعظم ورمى المسلمون بالسهام فأصيب يزغري بسهم ومات من ليلته فقتلوا جميع من عندهم من الأسرى والرهن ولم يزالوا كذلك حتى نزلت جيوش المسلمين فرغانة فجردوا عليهم واشتد قتالهم وصالحهم المسلمون على أن يسلموا لهم كمرجة ويرحلوا عليها إلى سمرقند والدنوسية وتراهنوا على ذلك وتأخر خاقان حتى يخرجوا وخلف معهم كورصول ليبلغهم إلى مأمنهم فارتحلوا حتى بلغوا الدنوسية وأطلقوا الرهن وكانت مدة الحصار ستين يوما.